وتقترب إسبانيا بشكل خطير من خمسة ملايين عاطل عن العمل. تحدثنا معكم منذ فترة عن ترتيب الدول التي لديها أعلى معدل التسرب من المدارس حيث احتل بلدنا المركز الثاني المشين. حسنًا، أدلت المفوضة الأوروبية للتعليم، أندرولا فاسيليو، بتصريحات من بروكسل ذكرت فيها أن التسرب من المدارس هو أحد أسباب ارتفاع أعداد بطالة في إسبانيا.
أثر التسرب من المدرسة على البطالة
ترك المدرسة في وقت مبكروالتي تُعرف بأنها النسبة المئوية للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا والذين لا يكملون التعليم الثانوي الإلزامي أو يتلقون أي نوع من التدريب، لها علاقة قوية بالبطالة. وفي إسبانيا، يتجاوز هذا المعدل المتوسط الأوروبي، حيث يتجاوز 13%. وعلى الرغم من حدوث تحسن ملحوظ في العقد الماضي - حيث ارتفع من 31% في عام 2002 إلى 13,2% في عام 2024 - إلا أنه لا يزال يمثل تحديًا هيكليًا يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني. النمو الاقتصادي وتنمية البلاد.
ويسلط تقرير التعليم الأوروبي الضوء على أن الشباب الذين يتركون المدرسة هم في كثير من الأحيان تمثيل ناقص في قطاعات العمالة الماهرةومعظمهم يعملون في وظائف غير مستقرة أو عاطلون عن العمل. علاوة على ذلك، فإن خطر البطالة بالنسبة لأولئك الذين لا يكملون ESO أعلى بكثير، حيث تصل معدلات البطالة إلى 60٪ في حالة النساء.
وأكد المفوض فاسيليو أنه خلال سنوات الطفرة العقارية في إسبانيا، تخلى العديد من الشباب عن دراستهم بسبب الوصول السريع إلى سوق العمل في مجال البناء. لكن بعد انهيار هذا القطاع بما يسمى "الفقاعة العقارية"، وجد هؤلاء الشباب أنفسهم عاطلين عن العمل وبدون أكاديمي اللازمة لإعادة توجيه حياتهم المهنية نحو القطاعات الأخرى.
- الانفصال بين التعليم وسوق العمل
وهناك شاغل آخر أبرزه المفوض يتعلق بـ القليل من العلاقة المتبادلة بين التدريب الأكاديمي والاحتياجات الحقيقية لسوق العمل. وفي إسبانيا، تشير الدراسات الحديثة إلى أن ما يقرب من 50% من الوظائف الشاغرة تتعلق بقطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والهندسة والعلوم الصحية، وهي مجالات تتطلب تدريبًا متخصصًا. ومع ذلك، فإن نظام التعليم لا يتماشى دائمًا مع هذه المطالب، مما يترك العديد من الخريجين بدون الكفاءات مطلوب. ولمعالجة هذا الوضع، يعد التنسيق بين الجامعات ومراكز التدريب المهني والشركات أمرًا ضروريًا.
وفي هذا السياق، يقول خبراء مثل المستشارين التربويين ويسلطون الضوء على أهمية تنفيذ برامج التوجيه المهني منذ المراحل المبكرة، مما يساعد الطلاب على فهم الآثار المترتبة على قراراتهم الأكاديمية والعملية.
الأسباب الهيكلية للتسرب من المدارس الثانوية
يستجيب التسرب من المدارس في إسبانيا لمجموعة من العوامل المعقدة ومتعددة الأبعاد التي تشمل:
- العوامل الاجتماعية والاقتصادية: الشباب من الأسر ذات الدخل المنخفض أو ذوي المستوى التعليمي المنخفض هم أكثر عرضة للتسرب من المدرسة.
- نظام تعليمي غير مرن: إن الافتقار إلى التخصيص والقدرة على التكيف في الخطط الدراسية يثبط عزيمة العديد من الطلاب الذين لا يشعرون أن التعليم التقليدي يناسب اهتماماتهم أو احتياجاتهم.
- عدم التوجه: إن غياب برامج التوجيه الأكاديمي الكافية يعني أن العديد من الطلاب لا يجدون معنى في استكمال تدريبهم.
- التحديات العاطفية: تلعب مشكلات مثل التنمر والعلاقات المتضاربة مع المعلمين أو الأقران أيضًا دورًا حاسمًا في انفصال الشباب عن البيئة التعليمية.
مبادرات للحد من التسرب من المدارس
في السنوات الأخيرة، على المستويين الوطني والأوروبي، تم تنفيذ استراتيجيات مختلفة لمكافحة ترك المدرسة مبكرًا:
- برامج الوقاية: وقد شجع الاتحاد الأوروبي تطوير سياسات محددة للحد من التسرب من المدارس من خلال تعزيز البيئات الشاملة وتشجيع التعليم العاطفي.
- تدريب مهني: لقد أتاح التحسن في عرض التدريب على دورات التدريب المهني جذب الطلاب الذين يبحثون عن بديل عملي موجه لسوق العمل.
- التعاون بين القطاعين العام والخاص: تعمل الشركات والمنظمات غير الحكومية والكيانات التعليمية معًا لتصميم برامج متصلة تدريب مع العمالة.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء مبادرات مثل "مسارات النجاح المدرسي" التي تقترح نهجًا تكامليًا يعتمد على:
- ضمان رفاهية الطلاب.
- تقليص الفجوات في التحصيل الدراسي.
- توفير أدوات تعليمية شاملة تسمح لكل طالب بتطوير إمكاناته بشكل كامل.
دور الأسرة والتربية العاطفية
دور الأسرة أساسي في مكافحة التسرب من المدارس. يشير الخبراء إلى أن البيئة الأسرية التي تعزز الاهتمام بالتعليم وتقدم الدعم العاطفي يمكن أن تحدث فرقًا في مشاركة الطلاب. وبالمثل، فإن دمج التربية العاطفية تساعد البرامج المدرسية الطلاب على تطوير مهارات مثل المرونة والعمل الجماعي وحل النزاعات، وهي عناصر أساسية للنجاح الأكاديمي والشخصي.
تسجل المدارس التي تطبق برامج الذكاء العاطفي معدلات تسرب أقل ونتائج أكاديمية أفضل وتعايشًا أكثر انسجامًا. وتتوافق هذه الاستراتيجيات مع توصيات مؤسسات مثل المفوضية الأوروبية في هدفها المتمثل في إنشاء منطقة تعليمية أوروبية شاملة وفعالة.
ومن الضروري معالجة هذه المشكلة بالتعاون مع جميع الجهات الفاعلة المشاركة في المجتمع. ويمثل توسيع نطاق عرض البرامج التعليمية المرنة، وتعزيز الروابط بين الأكاديمية وسوق العمل، ودمج عناصر مثل التعليم العاطفي خطوات أساسية لضمان مستقبل أكثر واعدة للأجيال القادمة. لا يمثل التسرب من المدارس تحديًا تعليميًا فحسب، بل إنه قضية تؤثر بعمق على التنمية الاقتصادية والبشرية في إسبانيا.